الفضائل المحمدية التي فضله الله بها جميع البرية
تأليف العلامة يوسف بن اسماعيل النبهاني
رضى الله عنه
تحميل الكتاب
تأليف العلامة يوسف بن اسماعيل النبهاني
رضى الله عنه
تحميل الكتاب
من فضائله صلى الله عليه وآله وسلم
قال اللهُ تعالى لنَبيّنا محمدٍ صَلَواتُ الله عليه وسلامُه، مُمْتَنا عليه، مُعَرِّفاً لِقَدْرِه (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) وقد فَضّل الله تعالى بعضَ الرُسُلِ على بعضٍ فقال:(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) ، فالتفضيلُ الأوّلُ صريح في أصل المفاضلة، والثاني في تَضعيف المفاضلة بدرجات. ونكّرها تنكيرَ التعظيمِ بمعنى درجات عظيمة.
وقد فَضّل اللهُ تعالى نبيّنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بوجوه:
أوّلها: أنَّه ساد الكُلَّ. فقال صلَّى الله عليه وسم: "أنا سيِّدُ وَلَدِ آدمَ ولا فَخْر" والسيّدُ مَن اتّصفَ بالصّفات العَلِيّة والأخلاق السَّنِيّة، وهذا مُشْعِرٌ بأنَّه أفْضَلُ منهم في الدارَين. أمّا في الدنيا فلِما اتّصفَ به من الأخلاقِ المذكورةِ، وأمّا فى الآخرةِ فلِأَنّ جزَاءَ الآخرةِ مُرَتّب على الأوصَاف والأخلاق. فإذا فَضَلَهُم في الدنيا في المناقب والصِّفات، فَضَلَهُم في الآخرة في المراتب والدرجات.
ومنها قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: "وبِيَدي لِوآءُ الحمْدِ يومَ القيامة ولا فَخْر".
ومنها قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: " وما مِنْ نبي يومئذ: آدَمُ فَمَنْ دونَه إلَّا تحت لوائي يومَ القيامةِ، ولا فَخْرَ.".
وهذه. الخصائصُ تدلُّ على عُلُوّ مَرْتَبتِه على آدَم وغيرهِ، إذْ لا معنى للتفضيل إلَّا التخصيص بالمناقبِ والمراتب.
ومنها: أنَّ الله عزّ وجلّ أخبره أنَّه غَفَر له ما تقدّمَ من ذَنْبه وما تأخر، ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بِمِثلِ ذلك.
ومنها: أنَّه أوّلُ شافِعٍ وأوّلُ مُشَفَّع. وهذا يدلُّ على تخصيصه وتفضيله.
ومنها: إيثارُه صلَّى الله عليه وسلَّم على نَفْسِهِ بدَعْوَتهِ، إذْ جَعَل اللهُ لِكُلِّ نبيٍّ دعوةً مُسْتَجابةً، فكُل منهم تَعَجَّلَ دعوتَه في الدنيا، واختبأ هو، صلَّى الله عليه وسلَّم، دعوتَه شفاعةً لأمّته.
ومنها: أنَّ اللهَ أقسَمَ بحياته صلَّى الله عليه وسلَّم، في قوله تعالى (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) .
والإِقسامُ بحياة المُقْسَمِ بحياته يدُلُّ على شَرَف حياته وعِزّتها عند المُقْسِمِ بها. وإنَّ حياته صلَّى اللهُ عليه وسَلّم لجديرَةٌ أنْ يُقسَمَ بها، لِما كان فيها من البَرَكةِ العامّة والخاصّة. ولم يثبُتْ هذا لغَيْره.