موازين القاصرين من شيوخ ومريدين
ويليه المنح السنية على الوصية المتبولية
تأليف الإمام عبدالوهاب الشعراني رضى الله عنه
ويليه المنح السنية على الوصية المتبولية
تأليف الإمام عبدالوهاب الشعراني رضى الله عنه
يقول الامام احمد الدردير رضى الله عنه فى كتابه تحفة الاخوان :
فالآداب التي تطلب من المريد في حق شيخه:
أوجبها تعظيمه وتوقيره ظاهرًا وباطنًا وعدم الاعتراض عليه في أي شيء فعله ولو كان ظاهرُه أنه الحرام ويُؤوِل ما انْبَهَمَ عليه , وتقديمُهُ على غيره وعدم الالتجاء لغيره من الصالحين فلا يزور وليًّا من أهل العصر ولا صالحًا إلاَّ بإذنه ولا يحضر مجلس غيره إلا بإذنه ولا يسمع من سواه حتى يتم سَقْيُهُ من ماءِ سرِّ شيخه وخطابي بهذا للصادقين المجدين المهتمين لا كل من تلقن عليه الذكر بقصد التبرك ومن أراد من الأشياخ قصْرُ كلِّ مَن لقنه الذكر عليه فهو مخطئ ويُعلَم من ذلك أنه ليس بشيخ في طريق أهل الله ومنها أن لا يقعد وشيخه واقف ولا ينام بحضرته إلا بإذنه في محل الضرورات ككونه معه في مكان.
ومنها أن لا يكثر الكلام في حضرته ولو باسطه ولا يجلس على سجادته ولا يُسَبِّحُ بسبحته ولا يجلس في المكان المُعَدُّ له ولا يُلحُّ عليه في أمر ولا يسافر ولا يتزوج ولا يفعل فعلاً من الأمور المهمة إلا بإذنه ولا يمسك يده للسلام وهي مشغولة بشيء كقلم أو أكل أو شرب بل يسلم بلسانه وينتظر بعد ذلك ما يأمر به وأن لا يمشي أمامه ولا يساويه في مشي إلا بليل مظلم ليكون مشيه أمامه صونًا له من مُصادفة ضررٍ وأن لا يذكرَه بخير عند أعدائه خوفًا من أن يكون وسيلةً لقَدْحِهِم فيه.
ومنها أن يحفظه في غيبته كحفظه في حضوره وأن يلاحظه بقلبه في جميع أموره سفرا وحَضَرًا لتَعُمَّهُ بركته.
ومنها أن لا يعاشر مَنْ كان الشيخ يكرهه أو طرده الشيخ عنه.
وبالجملة يحب من أحبه الشيخ ويكره من يكرهه الشيخ.
ومنها أن يرى كل بركة حصلت له من بركات الدنيا والآخرة فببركته.
ومنها أن يصبر علي جفوته وإعراضه عنه ولا يقول لمَ فعل بفلان كذا ولم يفعل بي كذا وإلا لم يكن مُسَلِّمًا قيادُه لَهُ ظاهرًا وباطنًا أخاطب بذلك أهل الله الصادقين.
ومنها أن يحمل كلام شيخه على ظاهره فيمتثله إلا لقرينة صارفة عن إرادة الظاهر فإذا قال له اقرأ كذا أو صل كذا أو صم كذا وجب عليه المبادرة وكذا إذا قال له وهو صائم أفطر وجب عليه الفطر أو قال له لا تُصَلِّ كذا إلى غير ذلك.
واعلم أن الشيخ العارف بالله ربما باسط تلامذته وخفف عليهم العبادة فإذا شم منهم رائحة الصدق والاجتهاد ربما شدد عليهم وأعرض عنهم وأظهر لهم الجفو لتموت أنفسهم عن الشهوات وتفنى في حب الله تعالى وربما اختبرهم هل يصدقون أم لا.
ومنها ملازمة الوِرْدَ الذي رتبه فإن مدد الشيخ في وِرده الذي رتبه فمن تخلف عنه فقد حُرِمَ المدد وهيهات أن يصح في الطريق.
ومنها ألا يتجسس على أحوال الشيخ من عبادة وعادة فإن في ذلك هلاكه والله أعلم.
وأن لا يدخل عليه في خلوة إلا بإذنه وأن لا يرفع الستارة التي فيها الشيخ إلا بإذنه وإلا هلكَ كما وقع لكثير وأن لا يزوره إلا وهو على طهارة لأن حضرة الشيخ حضرة الله وأن يحسن به الظن في كل حال وأن يقدم محبته على محبة غيره ما عدا الله ورسوله فإنها المقصودة بالذات ومحبة الشيخ وسيلة لها وأن لا يكلفه شيئا حتى لو قدم من سفر لكان هو الذي يسعى ليسلم عليه ولا ينتظر أن الشيخ يأتيه للسلام عليه وفي هذا القدر كفاية والمُوَفَّقُ يقيس ما لم يُقَلْ على ما قِيْل. اهــ