وسائل التحقيق ورسائل التوفيق
تأليف الشيخ / عبدالغني النابلسي رضى الله عنه
تحقيق وتقديم الشيخ/ سامر عكاش
تأليف الشيخ / عبدالغني النابلسي رضى الله عنه
تحقيق وتقديم الشيخ/ سامر عكاش
قال الإمام شيخ الإسلام عبدالله بن علوي بن محمد الحداد العلوي الحسيني :
(وعليك) يا أخي بإصلاح النية وإخلاصها وتفقدها والتفكر فيها قبل الدخول في العمل، فإنها أساس العمل، والأعمال تابعة لها حسناً وقبحاً وصحةً وفساداً. وقد قال صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" فعليك أن لا تقول قولاً، ولا تعمل عملاً، ولا تعزم على أمر، إلا وتكون ناوياً بذلك التقربَ إلى الله، وابتغاء الثواب الذي رتبه سبحانه على الأمر المنويِّ من باب المِنَّة والفضل.
(واعلم) أنه لا يصح التقرب إلى الله إلا بما شرعه على لسان رسوله من الفرائض والنوافل، وقد تؤثر النية الصادقة في الأمر المباح فيصير قربة لله من حيث أن للوسائل حكم المقاصد، كمن ينوي بأكله التقوي على طاعة الله، وبإتيانه أهله التسبب في حصول ولد يعبد الله.
ويشترط لصدق النية أن لا يكذبها العمل، فمن يطلب العلم، مثلاً، ويزعم أن نيته في تحصيله أن يعلم ويعلِّم، فإن لم يفعل ذلك عند التمكين منه فنيته غير صادقة، وكمن يطلب الدنيا ويزعم أنه إنما يطلبها لأجل الاستغناء عن الناس، والتصدق على المحتاجين، وصلة الأقربين، فإن لم يفعل ذلك عند القدرة عليه فلا أثر لنيته.
والنية لا تؤثر في المعاصي شيئاً كما أن التطهير لا أثر له في نجس العين، فمن وافق إنساناً على غيبة مسلم وادعى أنه يقصد بذلك إدخال السرور على قلبه فهو أحد المغتابين، ومن سكت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وادعى أنه ينوي بسكوته التوقِّي عن كسر قلب المباشر فهو شريكه في الإثم، وإذا تعلقت النية الخبيثة بالعمل الطيب أفسدته وصار خبيثاً، كمن يعمل الصالحات وينوي بذلك تحصيل المال والجاه.
فاجتهد يا أخي أن تكون نيتك في طاعتك مقصورة على ابتغاء وجه الله تعالى، وانو بما تتعاطاه من المباحات الاستعانة على طاعة الله تعالى.