حكم الفصوص وحكم الفتوحات المسمى (مجمع البحرين في شرح الفصين)
تصنيف الشيخ الأكبر/ محيي الدين بن عربي الطائي
شرح الشيخ الشريف/ ناصر بن الحسن الحسيني الكيلاني
تحقيق الشيخ/ أحمد فريد المزيدي
يقول الشيخ الاكبر رضى الله عنه
بِسم الله الرحمن الرحِيم
الحمد للَّه منزل الحِكَم على قلوب الكَلِم بأحديَّة الطريق الأمَم من المقام الأقدم و إن اختلفت النحل و الملل لاختلاف الأمم. و صلى الله على مُمِدِّ الهمم، من خزائن الجود و الكرم، و بالقيل الأقوم، محمد و على آله و سلم .
أما بعد: فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في مُبشِّرة أُرِيتُها في العشر الآخِر من محرم سنة سبع و عشرونَ و ستمائة بمحروسة دمشق، و بيده صلى الله عليه و آله و سلم كتاب، فقال لي: هذا «كتاب فصوص الحكم» خذه و اخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع و الطاعة للَّه و لرسوله و أولي الأمر منا كما أُمِرْنا.
فحقَّقْتُ الأمنية و أخلصت النيَّة و جردت القصد و الهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حدَّه لي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من غير زيادة و لا نقصان، و سألت الله تعالى أن يجعلني فيه و في جميع أحوالي من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سطانٌ، و أن يَخُصَّني في جميع ما يرقمُهُ بَنَانِي و ينطق به لساني و ينطوي عليه جَناني بالإلقاء السُّبُوحي و النَّفْث الروحي في الرُّوعِ النفسي بالتأييد الاعتصامي، حتى أكون مترجماً لا متحكماً، ليتحقق من يقف عليه من أهلِ الله أصحاب القلوبِ أنه من مقام التقديس المنزَّه عن الأغراض النفسية التي يدخلها التلبيس.
و أرجو أن يكون الحق لمَّا سمع دعائي قد أجاب ندائي، فما أُلقي إلا ما يُلْقِي إليَّ، و لا أُنزل في هذا المسطور إلَّا ما ينزِّل به عليَّ. و لست بنبيّ رسول و لكنِّي وارث و لآخرتي حارث.